حرائق متنقلة وفوج إطفاء الضاحية يتدخّل للمؤازرة.. والخميس آخر الحرّ
ياسمين مصطفى
مع كل كارثة طبيعية تقع في لبنان، يتكشف ضعف الدولة وتراخيها إزاء التعامل معها. منذ صباح الأمس يعيش اللبنانيون كابوسًا حقيقيًا تمثل في اشتعال الحرائق في مناطق مختلفة، تزامنًا مع طقس حارّ فاقت فيه درجات الحرارة الـ38 مع اشتداد سرعة الرياح ولا سيّما ليلًا، دون أن ينجح المعنيون في السيطرة عليها حتى الساعة.
*الطقس اللاهب والرياح الناشطة إلى متى؟
ولدى البحث عن أسباب وخلفيات اندلاع الحرائق تظهر عوامل عدة، أولها عامل الطقس، وعلى الرغم من قرب انتهاء فصل الصيف الحار، إلا أن توقيت اندلاع الحرائق يعود بحسب ما أكد المسؤول في دائرة التقديرات الجوية في مصلحة الأرصاد الجوية عباس عبيد لموقع "العهد" الإخباري إلى ارتفاع درجات الحرارة بشكل لافت، مصحوبة برياح ناشطة، إذ وصلت أمس إلى 39 درجة في بيروت، في حين انها لم تتخطَّ خلال فصل الصيف عتبة الـ31 درجة، فضلا عن انخفاض نسبة الرطوبة اليوم حتى لامست الـ10% في حين كانت فيما مضى من أشهر 75%.
ويوضح عبيد أن الحرارة اليوم وغدًا مستمرة في الارتفاع خاصة في المناطق الساحلية، على أن تعود درجات الحرارة إلى معدلاتها الموسمية بدءًا من صباح الخميس، مع توقع أمطار خفيفة متفرقة مصحوبة ببرق ورعد، في حين ينحسر الهواء الجاف ويعود الطقس إلى طبيعته، وتصل الحرارة في أقصاها إلى 31 درجة الخميس.
*فوج إطفاء الضاحية يدًا بيد مع غرفة عمليات الدفاع المدني
بالموازاة، بادر فوج إطفاء الضاحية الجنوبية الى مؤازرة الدفاع المدني في إخماد النيران المشتعلة في عدد كبير من المناطق. وفي هذا السياق يؤكد مسؤول مركز فوج إطفاء الضاحية الجنوبية حسين كريم لموقع "العهد" التنسيق التام مع غرفة العمليات في الدفاع المدني اللبناني، فضلا عن تعاونه مع مديره العام العميد ريمون خطار والبلديات والأجهزة المعنية لاحتواء الكارثة، موضحًا أن المركز بعث أمس إلى مطار بيروت الدولي ثلاث سيارات إطفاء لدعم الطوافات القبرصية في إطفاء الحرائق، أُرسلت إلى المناطق المحيطة بمنطقة المشرف، أي قبرشمون وكفرمتا، كما أرسل اليوم ثلاث سيارات إطفاء إلى كفرمتا، وست سيارات إلى المشرف، وجرى التواصل مع الهيئة الصحية الإسلامية، التي أرسلت بدورها ست سيارات إسعاف في حال وقوع إصابات جراء الاختناق من الحرائق في المناطق السكنية.
*عوائق حوّلت مناطق لبنانية إلى جحيم
ويشير كريم الى أن عددا كبيرًا من العوائق ظهر لعناصر فوج إطفاء الضاحية والدفاع المدني أثناء محاولات إطفاء الحرائق، موضحًا أن إهمال الدولة لعمليات تنظيف المناطق الحرجية والوعرة بشكل دوري يجعل أبسط النفايات المرمية فيها شرارة لحريق كبير.
ويلفت كريم الى أن الرياح في المناطق الحرجية تساهم أكثر في اندلاع الحرائق، ومع ارتفاع درجات الحرارة يجفّ الأخضر ويتحوّل إلى يابس يذكي ألسنة اللهب، فيما تزيد وعورة المناطق الأمر تعقيدًا إذ أن لا مسالك آمنة فيها ويصعب دخول الآليات إليها، كما أنها تحوي قنابل عنقودية من مخلفات الحرب الأهلية، قد تنفجر لدى الدخول سيرًا.
أما خطوط التوتر العالي، فحالت هي الأخرى بحسب ما يوضح كريم، دون تمكن الطوافات القبرصية من العمل بشكل حثيث على إطفاء الحرائق المتنقلة، إذ لا يمكن للطوافات رش المياه على خطوط التوتر، كما لا يمكنها النزول إلى مستوى منخفض جدا لاحتواء الحرائق، أما طائرات الجيش اللبناني فهي لا تنفع بالأصل لإخماد الحرائق، لكونها مزودة بمروحيات تزيد ألسنة اللهب بدلا من إطفائها.
طبيعة المناطق الجغرافية لعبت دورا في امتداد الحرائق، وفي هذا السياق يتحدّث كريم عن مواجهة عناصر فوج إطفاء الضاحية والدفاع المدني صعوبة بالغة في اجتياز هذه المناطق، فمع تغير وجهة الرياح، تأخذ عملية نقل آليات الإطفاء والعناصر وقتا وجهدا يسمح بامتداد الحرائق في اتجاهات مختلفة، خاصة مع صعوبة الوصول إلى مناطق الحرائق سيرا على الأقدام خوفا من القنابل العنقودية والمنحدرات، ما شكل تحديا حقيقيا لحياة الفرق العاملة على الأرض.
حرائق متنقلة وفوج إطفاء الضاحية يتدخّل للمؤازرة.. والخميس آخر الحرّ
*ماذا لو استمرّت الحرائق ليلا؟
وفي إجابة عن سؤال حول إمكانية العمل ليلا في حال عدم السيطرة على الحرائق خلال ساعات النهار، يؤكد كريم أن الأمور ستزداد تعقيدا، موضحا أنه حتى مع وجود الإنارة يبقى الدخول إلى المناطق الوعرة والمنحدرة صعبًا على أفراد الدفاع المدني وفوج إطفاء الضاحية، كما يصعب عمل الطوافات، التي تلتزم قواعد ومحاذير محددة في عملها، آملًا أن يتم احتواء الحرائق قبل ساعات المساء، لتجنب التعامل مع هكذا سيناريو.